ذهبت الى سور الأزبكية فوجدت احد الباعة يفرش كومة ضخمة من الكتب على الارض معلنا بصوت عالي عن تخفيض كبير.التقطت حزمة ضخمة من الكتب ثم انتصبت واضعا اياهم على السور ، لانتقي ما اريد ثم أعيد الباقي .
كررت هذه العملية ٣ مرات فشعرت ان ظهري يصرخ من الالم ، و ادركت انه لن يمكنني فحص اكبر عدد من الكتب بهذه الطريقة،وليس امامي الا ضياع الفرصة او الم الظهر.
لمحت رجلا بجواري يفحص الكتب بشكل مماثل ، فرأيت انه ربما يمكنني الاستفادة من هذا الوضع دون الدخول في شروح معه فعادة ما يميل عشاق الكتب للخصوصية و يرفضون اي فضول.
احضرت مجموعة من الكتب و اخترت ما اريد ثم عرضت الباقي علي الشخص الاخر ليختار ما شاء ، و من ثم وفرت عليه " انحناءة ظهر ".
كان هناك احتمالان لردة فعله اما (١) " التعاون ( كتبي مقابل كتبه ) حيث ينظر في مجموعتي كتبي و يختار ما يريد ، و يعطيني في المقابل ما تبقى من مجموعته لاختار ما اريد ..و هكذا نكون فحصنا عدد اكبر من الكتب بجهد اقل.
او (٢): عدم التعاون deflect ( كتبي مقابل تجاهله ) ، و الاستفادة فقط من الفرصة الصغيرة التي منحتها له . و في هذ الحالة لن أكرر العرض.
لحسن الحظ، التقط الشخص الفرصة و تعاون ، و كررنا العملية بضع مرات.. الى ان تكاسل في احد الأدوار ( deflect )، فعاقبته و امتنعت عن أعطاه مجموعتي ( deflect ) .. فشعر بعقابي له فلم يكررها في المرة القادمة، حيث تيقن ان التعاون افضل ، و ان الشخص المقابل يثق فيه.
تشبه هذه الحكاية احد المعضلات الاساسية في نظرية الالعاب : معضلة صيد الغزال stag hunt dilemma ، الذي قصها علينا جان جاك روسو ، وفيها يمكن لمجموعة الصيادين أن تحظى بصيد غزال ضخم اذا تعاون أفرادها معا. ومع ذلك قد يختار بعض الأفراد مطاردة أرنب مفضلين العمل الفردي والربح الأصغر.
و ربما يصعب علاج هذه المعضلة الا في حالة تكرار حملات الصيد، فيتم حرمان " غير المتعاون " من الخروج للصيد ، فان أراد المشاركة في المرة التالية قبلت مشاركته فان تعاون فاز بنصيبه من الغزال ، فان فر مرة اخرى بحثا عن الارنب ، يحرم من الصيد ، و هكذا حيث يتم تعزيز علاقة التعاون .
و الخلاصة ، ابدا ببناء الثقة، فان تخاذل الطرف الاخر ، فعاقبه بنفس القدر ، فان عاد للتعاون تعاون معه ، حتى تتعزز الثقة المتبادلة ، و تستقر العلاقة التعاونية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق