الخميس، 21 أبريل 2016

تأثير "متى" Mathew Effect


سألني احد الأصدقاء اليوم لماذا يصبح اولاد الأطباء و اساتذة الجامعة اساتذة و أطباء بل و مشاهير مثلهم   ؟ شعرت من نبرة صوته انه يدفعني دفعا لتنفيث غضبنا في  ثرثرة حول دهاليز الفساد داخل اروقة الجامعات بأرض المحروسة ..

لم ارغب في الانزلاق الى هذا المنعطف الممل ، و نبهته الى انهم بالفعل متفوقون وعلى مستوى عالي من المهارة و العلم ، و ليس الامر كما تظن ان معظمه استغلال لسلطة او توظيف لمحسوبية ،انهم يستحقون بالفعل ان يكونوا أوائل الجامعة ، و الحق يقال انني انا وهو نعرف بعض أبناء استاذة الجامعة يتمتعون بالعلم و الخلق ...شهادة يحاسبنا الله عليها .

حمدت الله ان نجوت من  الثرثرة  على نهر الفساد،وأخبرته ان لدى علم الاجتماع اجابة مرضية عن هذا السؤال  لعلها تعجبه ، حيث 
تسمى  هذه الظاهرة تأثير "متى " نسبة الى احد حواري  السيد المسيح ،وصاحب الإنجيل الأول بين الاناجيل الأربعة . و النظرية هذه ببساطة تتحدث عن " تراكم الميزات " كتراكم راس المال . و ترصد الدراسات الاجتماعية ان الأشخاص الذين يتمتعون بأحد الميزات عادة ما يحصلون  على ميزات اكثر . و قد يكتسب  من يمتلك شهرة و قدم منتجا او عملا ما شهرة أوسع و اجرا اعلى مقارنة بشخص اخر غير مشهور قدم عملا او منتجا مماثلا . و نجد مثلا ان داروين المشهور اكتسب شهرة اكبر من " والس" الذي قدم تقريبا نظرية للاختيار الطبيعي  مماثلة لنظرية داروين .

و تطبيق ذلك واضح على اولاد الأطباء و الاستاذة لان الظروف و المناخ الذي يعيش فيه الأولاد من احترام للعمل و الثقافة و المعامل و الأبحاث و لقاء الأطباء المشاهير و حلاوة الإنجاز يخلق لدى اولادهم الدافع و الهدف و المثل الأعلى الذي يقيسون عليه ادائهم . فلا غرابة يا صديقي و نجاحهم ليس واسطة او محسوبية . و تراكم الميزات لديهم تجعل من الصعب احتكار دائرة تخصصهم ليس لفساد اَهلها و لكن لتفوق أصاحبها .. و يتكرر مثل هذا المشهد مثلا في مهنة المحامة في أمريكا حيث تجد عائلات كاملة من المحاميين اصحاب المكاتب المشهورة ..

والمحزن انه من الصعب على امثالي و امثالك من المجتهدين ان نكون امثالهم و منافستهم في ذاك  ليست في صالحنا لأننا لا نتمتع بما كانوا يتمتعون به من ميزات .
و يذكرني هذا بأحد آيات الإنجيل  التي تقول 
"فَإِنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى وَيُزَادُ، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق