فرغت لتوي من قراءة الترجمة الانجليزية لرواية " قايين" Cain او بالأحرى "قابيل" كما اعتدنا تسميته باللغة العربية للكاتب البرتغالي سارماجو.و على عكس ما ذكرته احدى بناتنا Amira المثقفات في مراجعتها الشيقة حول هذه الرواية ، فلقد جاءت روايته هذه مخيبة لكل توقعاتي. و بينما امتازت روايات سارماجو مثل " العمى" و الطوف الحجري Stone raft او " انقطاعات الموت" بالغنى و الابتكار، لم تفتقر فقط رواية قابيل للأصالة originality بل الى قدرتهاعلى اثارة الفكر و الجدل بذات الدرجة التي احدثتها الاعمال الاخرى له.
قصة " قابيل" هي اعادة حكاية لقصص العهد القديم ( آدم و حواء و الأنبياء غيرها ) بأسلوب ساخر من "صاحب العهد و شخصياته" على لسان قابيل قاتل " هابيل" حيث تطرح الأسئلة التقليدية الخاصة بحكمة و عدالة الاله و علاقته بمخلوقيه. و يرمز قابيل الى الانسان نفسه بحيرته و أخطاءه و عدم قدرته على استيعاب مصيره وقدره.
و لجأ فيها سارماجو الى نفس أسلوبه السردي المعتمد على تقنيات " ما يسمى بتيار الوعي) والذي يلاحظه بشكل اكثر قراء الترجمة الانجليزية لأعماله مثل غياب حروف الcapital في الأسماء ، عدم و جود نقاط او علامات ترقيم الا بقدر قليل ، تداخل العبارات من شخص لآخر . و يخلق هذا بعض الصعوبات في الحقيقة اثناء القراءة، لكن سرعان ما تتعود عليها.
و لقد قام العديد من الكتاب العظام بإعادة كتابة العهد القديم قصصيا ، بداية من ميلتون و توماس مان الى انيتا داميانت ( الخيمة الحمراء)، و كانت أعمالهم على مستوى ادبي و فكري ارقى بكثير ، بل ان سارماجو نفسه في روايته the Gospel According to Jesus Christ وهي اعادة لكتابة العهد الجديد ، كان مثالا للابتكار و اكثر قدرة على اثارة الجدل مقارنة بضعف روايته هذه.
نجيب محفوظ نفسه أديبنا الرائع في اولاد حارتنا قام بحكاية ذات القصة لكن من خلال الحارة و فتواتها، فكان اكثر حرفية في الشكل الفني و اكثر قدرة على طرح الأسئلة المتعلقة بعلاقة الانسان بالخالق.
و اخيرا اذا كنت من محبي سارماجو فسوف تسعد بقراءة قابيل ،
و اذا كنت لم تعرفه فأنصحك بتجربة روايات اخرى له اعظم بكثير .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق