الثلاثاء، 26 يوليو 2016

حرب النجوم : دائرة الخوف و السلطة


" الطغاة لا يغتصبون السلطة. نحن  الذين نسلمها لهم ، و بعدها نجلس مسلوبي الإرادة نشاهد كيف يستخدمونها ضدنا " . لماذا نفعل ذلك؟ كله بسبب الخوف و رغبتنا في الحصول على الأمان و الحماية، تلك المشاعر العنيفة التي تملأ طريقنا بالغيوم و الظلال فنفقد قدرتنا على الحكم.
و في سلسلة قصص و أفلام حرب النجوم  Star Wars نجد ان الشعب  ومجلس الشيوخ  منحا  المستشار Palptine سلطات استثنائية ( طوارىء) لمحاربة قوى الشر ليصبح كبير المستشارين،  فاستأثر بالحكم كله و حول الجمهورية الى امبراطورية وترأس على عرشها.

كما اكتظلت كتب التاريخ بالعديد من الأمثلة المماثلة   مثل هتلر عندما منحه البرلمان سلطات ضخمة بعد عدة احداث ارهابية داخل ألمانيا فتحول هتلر الرقيق الحنون الى الفوهر الديكتاتور ، و كذلك نابليون الذي حول الجمهورية الفرنساوية الى امبراطورية ..

و هكذا تعلمنا الحكايات الخيالية و الحكايات التاريخية معا انه عندما  تمنح الشعوب زعمائها سلطات واسعة ليوفروا الحماية لها ، فإنها ترتكب أكبر حماقة في حق نفسها  لان تركيزالقوى و الصلاحيات، في أيدي شخص ما   ، يجعلها اقل امنا و اقل حرية ، و ليس العكس.

الأحد، 17 يوليو 2016

" الارتساء" و نصيحة للسوبر ماركت اللي جنبنا


  لو دخلت محل لشراء قميص ب ٣٠٠ جنيه ، و أخبرك احدهم ان هناك محلا على بعد ٢٠ دقيقة تقريبا يبيع نفس القميص بتخفيض ١٠٠ جنيه ، فمن المرجح  ان تترك هذا المحل و تشتري من الاخر . عين العقل !!

العجيبة انك لو ذهبت لشراء سيارة ب ٣٠٠ الف جنيه من احد المحلات ، و اخبرك احدهم ان هناك محلا على نفس المسافة  يبيع نفس السيارة بتخفيض ٢٠٠ جنيه ، فإنك على اكثر ترجيح  ستستمر في شرائك متجاهلا هذا التخفيض. 
ويعني هذا انك رأيت  " المائة " اعلى قيمة من " المائتين" ، فلا تستغرب فان الناس لا تستطيع الحكم على الأمور في " المطلق " و لكنها تحكم " بالنسبي" ..و من ثم باتت " المائة" جنيه  في حالة القميص اهم من ٢٠٠ جنيه في حالة السيارة. 
علماء النفس يسمون ذلك   Anchoring او " الارتساء" ، وهي ترجمة صعبة لكن تفي بالغرض.

يمكن الاستفادة منها ، على السريع ، في التسويق . اذا كنت تريد بيع سلعة راكدة عندك مثلا ضعها وسط سلعتين متشابهتين احدهما منخفضة السعر جدا ، و الاخرى اعلى في سعرها بكثير. الناس تشتري الاوسط حيث يستبعدون السلعة ذات  السعر الأدنى جدا خشية من ضعف الجودة ، و الأعلى لانه " غالي " . هذه عاداتنا في الشراء .

لا تضع على نفس رف العرض سلعتين بنفس السعر و متشابهتان مثل تلفزيون توشيبا و بجانبه ال جي  و سوني .في هذه الحال لن يشتري الزبون اي منهم حيث أصابته  الحيرة نتيجة عدم توافر عنصر للمقارنة .. او سوف يدخل في مقارنات فنية ستعوق قرار شرائه في النهاية ..خلي بالك !!
لا تنسى ان تكون السلعة معروضة في مستوى النظر.

قصة"السائر"The pedestrian لRay Bradbury

الزمان: ٢٠٥٣
المكان:  عالم مستقبلي متقدم ،  يعود الناس بعد ان ينتهوا من أعمالهم  الى بيوتهم ليقضوا ليلتهم جميعا امام  اجهزة التلفزيون او اي اجهزة اخرة محدقين فيها دون حوار او اتصال . البيوت ليلا مظلمة كأنها القبور لا يبدو من نوافذها الى نورالأجهزة التي يحدِّقون فيها . هناك اعمال كثيرة تقوم بها الروبوت بما فيها اعمال الشرطة.

السرد: يقوم به الراوي و هو لا يتحدث الا عن " ميد".

الشخصيات :" ليونارد ميد" وهو الشخصية  الوحيدة في القصة ، على ما يبدو ان مستوى ذكائه اعلى من الآخرين ، و غير منتمي او  ملتزم بالعرف الاجتماعي و عاداته.

ملخص القصة: في هذا العالم الذي سحرت فيه الأجهزة و التكنولوجيا و التلفزيون عيون الناس فضل "ميد" ان يعيش بدونها و يخرج ليلا كل يوم على مدار اكثر من عشر سنوات يتمشى في شوار المدينة المظلمة كالقصور وحيدا. استوقفته سيارة شرطة ذات ليلة خالية من اي ضباط ، و هي على ما يبدو انها عبارة عن روبوت .. و سُأل ماذا تفعل
 ميد : أتمشى 
الشرطة باستغراب: لماذا و الى أين ؟
ميد: اشم الهواء فقط .. لست ذاهبا الى مكان .. أتمشى فقط لساعات ثم أعود لمنزلي 
الشرطة : صمت طويل .. اركب ..
ركب. ميد في عربة فارغة و سمع صوت يأمره بالتوجه الى مستشفى الأمراض العقلية المعنية بحالات الانتكاس الى الماضي.

الغريب انني كنت أتمشى في احد شوارع المعادي وانا استمع الى هذه القصة audio من جهاز الموبايل .. شعرت برعشة في قلبي ؟ و تساءلت هل سياتي يوما تسرقنا التكنولوجيا ، و يحرموننا حتى من حرياتنا في " التمشية".

قصة قصيرة جميلة اقرؤها دي ٣ صفحات فقط.

السبت، 9 يوليو 2016

تحليل قصة : " أعلن ندمك أيها المهرج " Repent, Harlequin!'


المؤلف : هارلان أليسون كاتب أمريكي في مجال الخيال العلمي و المغامرات و الرعب  ولد في ٢٧ مايو ١٩٣٤، ولقد فازت هذه القصة بجائزة النبيولا  Nebula عام ١٩٦٥ و جائزة هوجو Hugo لأحسن قصة قصيرة لعام ١٩٦٦

الشخصيات الرئيسية:
١- المهرج افرت سي مارم ، شخص منبوذ اجتماعيا غريب الأطوار دائما متاخر في مواعيده و ليس لديه اي احساس بالوقت .
٢- السيد "تيك توك"  حارس الزمن في هذا العالم المستقبلي القاتم، و هو ضخم طويل اقرب في شكله الى الروبوت ، والذي يتحكم في اعمار الناس من خلال جهاز يسمى " اللوحة القلبية".
٣- "أليس" صديقة" مارم" .

المكان : ديستوبيا يمثل الزمن فيها اهم شيء حيث يعمل الجميع طبقا لجدول زمني دقيق للغاية، و يعد التأخير فيه جريمة عقوبتها خصم نفس القدر من الوقت من حياة الشخص المتأخر، و اذا استمر التأخير يمكن للشخص ان يفقد حياته كلها.
موضوع القصة: عصيان السلطة و  نتائج خروج شخص عن النظام العام ، و الفردية مقابل الانصياع للسلطة و المجتمع
الاسلوب : تعتمد القصة على فكرة الراوي و الذي يبدأ القصة من منتصفها ثم ينتقل الى بدايتها ثم النهاية
الحكاية: يتنكر بطل القصة" افرت سي مارم " في زي مهرج ويبدا في عملية تمرد غريبة الأطوار ضد السيد " تيك توك" حارس الزمن المهيب . يقوم المهرج بإلقاء طن من حبات الجيلي الملونة على طوابير عمال المصانع فيتشتت اهتمامهم و تتعطل أعمالهم لدقائق و من ثم تتعطل اعمال اخرى مرتبطة بهم ، و احيانا يستخدم البوق ليحرض به الناس على مخالفة الجداول الزمنية التي وضعها السيد تيك توك ، و الذي اضطر بدوره الى سحب اعداد كبيرة من الشرطة و عدد اخر من الناس لمطاردة المهرج و اصطياده مما أدى الى مزيد من التعطيل و الاضطراب في جداول العمل الزمنية الموضوعة للمدينة.
 تم القبض علي المهرج بسبب وشاية صديقته أليس عن مكانه. و بدلا من ان يقوم السيد تيك توك بانهاء حياته من خلال اللوحة القلبية الخاصة به ارسله الى مكان او مصحة عقلية تسمى " كوفنتري" ليتم غسيل مخه  بطريقة مماثلة لما حدث  لونستون سميث في قصة ١٩٨٤ لجورج أورويل . و بالفعل خرج "المهرج " من هذه المصحة و أعلن ندمه عن أعماله الماضية و ان على الانسان ان يحترم الوقت و يحافظ عليه.

في النهاية، و بينما يتابع السيد تيك توك حديث المهرج دخل احد الموظفين عليه لينبهه  انه قد تاخر ثلاث دقائق عن موعده المقرر، فيهرول السيد تيك توك الى مكتبه و هو يهمهم بكلمات غامضة.

و هكذا تنتهي القصة بهذا المشهد الأخير و الذي يشير الى حقيقة  انه "نعم شخص واحد فقط  يمكنه ان يحدث فرقا في هذا العالم ".

معضلة الترولي Trolley Dilemma ،و جرائم التعذيب


مجموعة من الإرهابيين قرروا تفجير احد القرى السياحية و قتل جميع ساكنيها.نجح البوليس في القبض على واحد من هذه المجموعة ، وكان عليه ان يعترف بمكان الباقي  حتى تتمكن الشرطة من القبض عليهم و منع وقوع هذه الكارثة الانسانية. رفض الرجل الاعتراف و لم تنفع محاولات التحقيق من الضغط عليه ، ولم يعد أمامهم الا تعذيبه تعذيبا شديدا مهينا ، بل التهديد باغتصاب  زوجته ، حتى يعترف ، ففعلوا،  و تحت وطئة التعذيب اعترف الرجل ،و تم القبض على الإرهابيين و نجى أهل القرية و التي بلغ عدد اطفالها هذه الفترة نحو ١٠٠٠ طفل. 

هل توافقون على التعذيب الذي اهان و امتهن هذا الآدمي ، و ان كان مجرما، حتى ولو كان بسببه تم إنقاذ أهل القرية جميعا؟ سؤال صعب و مأزق اخلاقي ،و قد يقبل معظمكم بهذه التضحية من منطلق نفعي بحت!!
و يعد هذا الموقف و مثله الكثير في الحياة اليومية معضلة حقيقية يصعب فيها الاختيار و الترجيح بين الغاية النفعية و الفضائل الاخلاقية .

و لقد طرحت هذه القضية الاخلاقية فيلسوفة شهيرة في علم الأخلاق اسمها فيليبا فوت في عام ١٩٧٦في تجربة شهيرة  اسمتها معضلة الترولي trolley dilemma  ، و طرحتها في استقصاء على عدد كبير من الأشخاص ، حيث افترضت مثلا "أنك تقف قرب سكة قطار( او ترولي) مثبت عليها خمس اشخاص وقطار سريع قادم سيدهسهم خلال دقيقة. وبالصدفة وجدت قربك ذراع التحويل التي يمكنك بتحريكها لينحرف مسار القطار لسكة جانبية فتنقذ حياة الأشخاص الخمسة. لكن لسوء الحظ رأيت شخصا واحدا مثبتا على السكة الجانبية، مما يعني أن تغيير مسار القطار سيؤدي لقتل ذاك الشخص. فالسؤال كان ماذا ستختار :

1-تغيير مسار القطار للسكة الجانبية وتنقذ حياة خمسة أشخاص مقابل التضحية بحياة شخص واحد.
2-لا تفعل شيئا وتترك الأقدار تأخذ مسارها ويدهس القطار الخمسة أشخاص. 
وكان الرد الأوسع انتشارا حسب الاستقراءات التي اجرتها فيليبا : “بالطبع أغير سكة  القطار وأضحي بشخص مقابل خمسة” فالمعادلة هنا واضحة حسب أصحاب هذا الرأي. وقد استند حكمهم لمبدأ التضحية بالأقل مقابل إنقاذ الأكثرية. و هناك اعتراضات اخلاقية كثيرة ضد هذا الموقف من حيث تحويل الانسان الى اداة و شيء لتحقيق غاية ما .

ودعوني افترض  ، مثالا اخر : هناك مستشفىى بها ٥ مرضى من المفكرين العلماء العظام على وشك الموت لو لم يزرعون أعضاء جديدة ، اثنان يحتاجان الى كلي ، و اخر الى كبد و رابع الى قلب ، و خامس الى ببنكرياس .. و تصادف ان دخل المستشفي آنذاك احد المجرمين العتاة لإجراء بعض التحاليل فتبين ان أعضاءه جميعا يصلح زراعتها في اجسام هؤلاء العلماء ، فهل توافقون على قتله و هو المجرم العتيد لإنقاذ حياة هؤلاء العلماء النافعين لبلادهم و اوطانهم ؟ سؤال صعب ايضا و لكن في هذه الحال قد لايقبل أغلبنا بذلك ، على الرغم من تشابه هذه الحالة مع الاولى.

وخلاصة القول ان معضلة الترولي هذه، و مثل هذه المواقف تواجه الكثير مننا و تواجهني انا شخصيا ، و في كل الأحوال لا اشعر أبدا في هذه المواقف انني اتخذت القرار السليم الذي اما ان يكون نفعيا فلا يتسق مع مبادئي الاخلاقية او  اخلاقيا ،و لكن يترتب عليه ضرر كبير.
هل لدى احدكم اجابة ؟

السبت، 2 يوليو 2016

تأملات سيكولوجية : لم يعد في الزمن بركة


لم يعد في الزمن بركة ... احساس نشعر به بقوة يوما بعد يوم ، فما ان يمضي شهر رمضان ،مثلا ، حتى تشعر به قد اتي يطرق الأبواب خلال أشهر قليلة لا يمكن ان تكون باي حال اثنى عشر شهر .
أتصدقون أمامنا ثلاثة أشهر تقريبا و يأتي رمضان .. ضاعت البركة من أعمار الناس ... لماذا ؟؟؟

هكذا سألني احد الأصدقاء مقارنا بين احساسنا بمرور الزمان عندما كنّا صغارا و بعدما صرنا كهولا ...

أجبته يا صديقي اعلم ان الإحساس بسرعة مرور   سنوات العمر يتناسب طرديا مع عمر الشخص ، اي ان الإحساس بمرور الزمن يزداد سرعته كلما تقدم العمر و العكس صحيح.

على سبيل المثال الإحساس بمرور عام من احتفالك بعيد ميلادك  العاشر الى الحادي عشر عادة ما يكون أبطأ مقارنة بإحساسك بمرور عام  من احتفالك بعيد ميلادك الستين  الى الواحد و الستين.
و يمكن تصور ذلك في معادلة رياضية 
 الإحساس بسرعة مرور العمر = الفترة المنصرمة / العمر الحالي 
و بالتطبيق ، لو كان عمرك ٥ سنوات مثلا يصبح احساس بسرعة  انقضاء عام = ١/٥
اما اذا كان عمرك ٦٠ عاما يصبح إحساسك بسرعة انقضاء العام ١/٦٠ ...

و نلاحظ هنا ان انخفاض النسبة يعني احساس أعلى بسرعة مرور الزمن .. اي غمضةًعين لو كان عندك ١٠٠ عام  مثلا ..

و يجب التنويه ان هذه المعادلات ليس لها إثبات علمي ولكنها للتمثيل و الشرح فقط.