"ازاي حسني مبارك كان ممشيها و المستثمرين بيشتغلوا و رجال الاعمال بيفتحوا مشاريع و الاقتصاد ينمو بمعدل٧٪ ، مع إنْ الفساد كان للركب؟"
تعالوا معي نحاول ان نستنتج الإجابة على هذا السؤال من خلال الاطلاع على تجربة اندونسيا و تنزانيا مع الفساد،كما عرضها كبير محرري الاقتصاد الدولي في جريدة الفاينانشيال تايمز Alan Beattie في كتابه False Economy:a surprising history of the world ) ، وبالتحديد في الفصل الثامن تحت عنوان "الفساد : لماذا ازدهرت اندونسيا بقيادة حاكم فاسد ، و بقيت تنزانيا فقيرة بقيادة حاكم نزيه؟":-
(١) اندونسيا: حكم "سوهارتو" اندونسيا لعدة عقود بنظام يتجرع من كثرة الرشوة و المحسوبية حقق فيه، مع ذلك ، ازدهارا و ارتفاع لمستوى الدخل بإندونيسيا. كان الفساد محددا تعرف أين تذهب و كم تدفع و في اي دوائر ، كان الفساد باختصار predictable و stable .. فساعد هذا رجال الاعمال و المستثمرين على حساب تكلفة استثماراتهم و اعتبار الفساد كأنه نوع من الضرائب. و في الواقع ان رجال الاعمال و المستثمرين لا يقلقهم الفساد و لكن يقلقهم عدم الاستقرار مما يتعذر معه حساب تكلفة منتجاتهم. و كان سوهارتو قادرًا على الضغط و التأثير على دوائر الفساد و المحسوبية وكان يعرف متى يرخي او يشد الحبل كما يقولون . و يذكر انه اذا شعر الحاكم المستبد الفاسد انه باقي و مستمر - كما كان حال سوهارتو- ، فلن يسعى لإخراج امواله الى الخارج لعدم شعوره بالخطر، و سيعمل على استثمارها هو و عائلته في داخل البلاد ، و هو الامر الذي يشجع في نفس الوقت بقية اصحاب المال و الاعمال في الضخ باستثماراتها داخل البلد .
(٢) تنزانيا :كان يحكىم تنزانيا "يوليوس نيريرا "ذلك الحاكم النزيه الأمين الذي أوشك ان يرسم قديسا، و الذي حاول ان يجعل من تنزانيا دولة كبرى تكتفي بذاتها فأسرف في فرض القيود الاقتصادية ، و هو يظن ان الإجراءات الإدارية الرقابية كفيلة بتنظيم الاسواق . فكانت النتيجة ان ظهر اقتصاد كبير سري تحت الارض ، و انتشر الفساد و الرشوة في اماكن كثيرة ، لكنه ،على عكس اندونسيا، لم يكن محددا و لا مستقرا و لا تستطيع توقعه ،يظهر لك في اي لحظة . و لهذا لم يستطع رجال الاعمال التعامل معه ، و شهد الاقتصاد التنزاني تدهورا كبيرا و انخفاض في مستوى الدخل .
هذا ما حدث لسوهارتو اندونسيا و نيريري تنزانيا ، فماذا عن حسني مبارك مصر ؟ الإجابة "سوهارتو باندونسيا".
Re post
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق