في الأساطير اليونانية يضرب المثل في القدرة على المراقبة بعملاق ضخم اسمه Panoptes له مائة عين، و الذي ربما كان الوحي الذي استلهم منه جيرمي بنثام الفيلسوف الانجليزي الشهير في القرن الثامن عشر فكرة سجن البانوبتيكونpanopticon .
صُمم هذا السجن من مجموعة من الزنازين في شكل دائري، ولا يسمح تصميمها بالتواصل بين السجناء وبعضهم، ويتوسطها فناء به برج للمراقبة، وتُضاء من الخارج بحيث لا يستطيع السجناء رؤية من في برج المراقبة .
يستطيع المُراقِب وحده ان يرى جميع من في الزنازين، فقط مراقب واحد او عدد قليل جدا يمكنه رؤيةمئات من السجناء دون ان يشاهدوه.
و يعزز هذا التصميم ،كما قال الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو ، لدى السجناء الاعتقاد انهم واقعون تحت المراقبة المستمرة، و بذلك يحتل الظابط او الحارس او بالأحرى السلطة مكانا داخل قلب كل سجين ، و تتولد العبودية على اثر ذلك، دون إكراه المسجون على السلوك وفقًا للتعليمات المفروضة ، بل و تتحول العبودية الى جزء من السلوك الاعتيادي للمسجون.
و في زماننا اتاحت شبكات التواصل الاجتماعي و الاتصالات للسلطات للحكومات و السلطات تحقيق فكرة هذا السجن ليس فقط من خلال القدرة على رقابة أنشطة الأفراد ، و لكن فقط من خلال إطلاق اشاعات من وقت لآخر بان الشبكات مراقبة و ان الرسائل الالكترونية مراقبة او هواتف المصالح الحكومية ..
يؤدي إطلاق هذه الإشاعات الى خلق نوع من الخوف و التوتر لدى الناس و الانصياع و الحذر بشكل كبير، فحتى لو وجدت برامج للمراقبة فلا يوجد موارد او وقت يتيح لمتابعة احاديث ملايين الأشخاص.
فاذا ظهرت هذه الإشاعات في عملك او على الفايس بوك فلا تخشى ابدا العملاق Panoptes و لا تدعه يسكن رأسك ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق