الاثنين، 10 أبريل 2017

Review: What Money Can't Buy: The Moral Limits of Markets

What Money Can't Buy: The Moral Limits of Markets What Money Can't Buy: The Moral Limits of Markets by Michael J. Sandel
My rating: 4 of 5 stars



ابتكرت أسواق المال منتجات لم يحلم بها الجن الأحمر نفسه. على سبيل المثال، يقوم المريض بمرض خطير مثل الإيدز مثلا ببيع وثيقة التأمين على حياته الى شركة استثمار في الأوراق المالية مقابل مبلغ نقدي اقل بالطبع من قيمة التأمين ، و تقوم الشركة بسداد الاقساط . و تحصل الشركة المستثمرة على قيمة الوثيقة في حالة وفاة المؤمن عليه او يمكن بيعها الى مستثمر اخر بهامش ربح . و قامت ايضا أسواق المال بتجميع هذه الوثائق في صناديق تصدر بضمنها سندات . و هكذا نشأت سوقا ماليا للموت كما يسمونه في الولايات المتحدة. و تسمى هذه السوق سوق الviaticals.

و لا يرى رجال الاقتصاد بأسا في هذه المعاملات، فمن حق المؤمن عليه ان يبيع وثيقة التامين الخاصة به لانها احد ملكياته. و لا يقع هناك ضررا على الأحد ، بل ان كلا الطرفين المستثمر و المؤمن عليه افضل حالا بهذه المعاملات ، فقد استطاع " المؤمن عليه اكتساب بعض الأموال " ، كما حقق المستثمر ربحا ، و ان كان نتيجة موت المؤمن عليه. ودارت اموالا كثيرة أمكن استخدامها في القيام بأنشطة اقتصادية اخرى.

اما فلاسفة الاخلاق و المفكرين فيرون ان مثل هذه السوق و التي في جذورها تمثل رهانا على الوقت الذي يموت فيه الشخص تؤدي الى تغيير في القيم الانسانية التي يجب ان يتخلى بها الناس ، ففكرة الرهان على موت شخص ما، و ارتباط ما يعود على المستثمر من أرباح بوفاة الشخص تؤدي بشكل غير مقصود الى إهانة قيمة كرامة الحياة الانسانية ، و الفرح لموت الناس بدلا من مشاركتهم أحزانهم.

هذه احد الأفكار التي تناولها مايكل سنادل في كتابه what money cannot buy ، و الذي احتل قائمة النيو يورك تايمز للكتب الأكثر مبيعا . وناقش ساندل فيه احد اصعب الاسئلة الاخلاقية في زماننا المعاصر و المتعلقة بأثر اليات السوق على القيم الانسانية.

ولقد اشار ساندل الى انه في العقود الاخيرة زاحمت قيم السوق القيم "غير السوقية" في كل درب من دروب الحياة، و بدون ان ندري انزلقنا من اقتصاد سوقي ( يحكمه اليات السوق )الى مجتمع سوقي ( يحكمه ايضا مبادئ السوق) .

و اذا كان ساندل قد أوضح في كتابه العدالة ، و الذي احتل قائمة المبيعات في العديد من دول العالم القضايا الاخلاقية العويصة التي نواجهها في حياتنا اليومية ، فانه في كتابه الحالي يثير نقاشا كبيرا يفتقر اليه عصرنا الذي تقوده عجلة السوق: وهو ما هو دور الاسواق في المجتمع الديمقراطي ، و كيف نمنع من تحويل قيمنا الانسانية.

و لقد قدم ساندل العديد من الأمثلة التي تبرهن على فكرته الى درجة قد تدفعك احيانا الى ان تصرخ و الله يا فيلسوفنا خلاص انا فهمت ، و لكن حلاوة اسلوب ساندل و قدرته البلاغية تجعلك تستمر دون كلل و بمزيد من المتعة. ولم يدعو ساندل الى التخلى عن مباديء الاقتصاد الحر فهو من أشد مؤيديه ، و لكنه دعا الى ضرورة انخراط المجتمع و رجال الاقتصاد و المفكرين في مناقشة اثار السوق على القيم لتفادي تتدهو قيمنا الانسانية السامية .

و على الرغم من النقد الشديد الذي وجهه ساندل لتغلغل السوق في مجتمعنا، و اقتناعنا بحججه الواضحة و الدقيقة، الى انه لم يقدم بديلا غير سوقي للعديد من المشاكل التي طرحه، بديلا يتسم بالعدالة و لا يؤدي الى افساد قيمنا الاجتماعية.

وختاما هو كتاب رائع من اعظم مدرس فلسفة شهدته هارفارد أوصي بقراءته، خاصة المهتمين بالاقتصاد.

View all my reviews

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق