الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

قراءة في كتاب Nurtureshock: New Thinking about Children


استوقفني عنوان هذا الكتاب كثيرا عندما انتقيته للقراءة منذ أسبوعين حيث  ذكرني بحالة الذعر التي احسستها عند ميلاد ابنتي نتيجة إحساسي بالمسؤلية التي تلقى على كاهلي لأول مرة . نعم الذعر من مسؤلية تربية طفل ، ولن ابالغ اذا قلت الإحساس بالصدمة. ولقدصدر هذاالكتاب - و هو من تأليف الصحفيين المرموقين في النيورك تايمز و النيوزويك Pro Bronson و Ashely Meryman ، في طبعته الاولى و البالغة ٣٦٦ ورقة في سبتمبر ٢٠٠٩، و لقد احتل قائمة النيويورك تايمز لاعلى الكتب مبيعا لمده ٦ اشهر متتالية، و اثار جدلا كبيرا بسبب النتائج غير التقليدية التي طرحها .

يلقي الكتاب الضوء  على نتائج التجارب العلمية التي اجريت لاختبار عدد من الأفكار و الاّراء القديمة الخاصة بنمو الطفل والتعليم، بدءا من اكتساب اللغة إلى الكذب وقياس الذكاء لبرامج الموهوبين انتقالا لوضع استراتيجيات لتسوية الصراعات بين الأطفال، وتأثير المدح والنوم على نموهم، و لقد اتسم كل فصل من فصول الكتاب العشرة  بنمط واحد في العرض، يبدأ بوصف الرأي القديم ثم تقديم الأبحاث التي تم القيام بها، و عرض نتائجها    و ما تكشفه من وقائع مخالفة ، ثم طرح منهجا اكثر نجاحا . و فيما يلي اهم النتائج التي خلص اليها الكتاب.

١-الإشادة المستمرة بذكاءأطفالك تؤدي الى نتائج عكسية وفِي النهاية تقوض ثقتهم بأنفسهم . و من الأفضل الاشادة بالجهد الذي يبذله الطفل للوصول الى نتيجة معينة،وفي الحقيقة ان التركيز في المدح على الذكاء ( وهي صفة خارج سيطرة الطفل) يجعل الطفل يستهين بفروضه و يبذل فيها قدرا محدودا من الجهد فلا يحصل على النتيجة المرغوبة ،فيشعر ان ذلك إهانة لذكائه ،  و يتحجج عندئذ بالمرض او غباء المدرس . و في النهاية  يتجنب الدخول في الاختبارات و المهام التي تعتمد على بذل  مجهود كبير خوفا من تعريض احترامه لذاته للاهانة ، و هكذا تجد الطفل - و هو ذكي فعلا - قد تتدهور مستواه . و العلاج الامثل هو الثناء على الجهد الذي يبذل في المهمة او الامتحان و الاشادة بالوقت المستهلك في الاعداد للاختبار و المهام ، و عندئذ يكتسب الفرد تقديره لذاته من قدر الجهد تأذي يبذله ، و عند تراجع أداءه يعرف ان الحل أمامه هو بذل مزيدا من الجهد.

٢-لتعزيز اداء طفلك الدراسي و تحسين درجاته على الآباء ان يحرصوا على حصول ابنائهم على كفايتهم من النوم ، و الضغط على المدارس لتأخير  يومها الدراسي ساعة.
٣-يولد الأطفال ولديهم استعداد لتقسيم الناس حسب خصلة واحدة ( سمين رفيع ، اسود ابيض ، و هكذا)، ولذلك عدم مناقشة هذه الموضوعات مع الطفل من الصغر تحت حجة ان هذا يخلق لديه اتجاهات عنصرية او طائفية لن يؤدي الى  النتائج المرغوب فيها ، بل عليك مناقشتهم  و تعريفهم ان هذه فروق هامشية و ان ما يجمعنا شيء اكبر.
٤- الأطفال كذابون بالطبيعة، لكنهم يكذبون غالبا في محاولة لإرضاء الكبار. وإذا أنكر   الطفل انه فعل  شيئا خاطئا، فإنه يفعل ذلك املا   في أن لا يخيب ظن الكبار فيه . و يحتاج الأطفال الى تعلم أن الحقيقة نفسها هي  الشيء الوحيد الذي يسعد الوالدان سماعها.
٥- ٧٣٪ من نتائج اختبارات برامج الأطفال الموهوبين في الولايات المتحدة خاطئة و يجب إعادتها بشكل متكرر لوضع الطفل في البرنامج السليم.
٦-وجود أخ لا يكسب الطفل مهارات اجتماعية أفضل.بل ان الصداقة و تنوع الأصدقاء هي التي  تعلم الأطفال كيفية التفاعل بإيجابية مع أشقائهم. و ربما يلزم تعليم الأطفال مهارات استباقية لكيفية التعاون و التفاعل  مع الأخوة لتحسين العلاقة بين الإخوة .
٧-وجود صراع معتدل مع الأهل في فترة المراهقة يرتبط بمحاولة المراهقين التكيف مع المرحلة الجديدة ، وهو افضل من غياب الصراع مطلقا او و جود صراع مفرط و متكرر. و احسن اُسلوب للتعامل مع المراهق في هذه الفترة هو قيام الآباء بوضع عدد من القواعد القليلة الواضحة ، فاذا اظهر المراهق اعتراضا على احداها فيجب اعطاءه الفرصة كاملا و الاستماع الى رأيه كاملا ، و اذا أبدى حججا قويا يمكن إظهار قدر من المرونة و اعادة النظر في هذه القاعدة و لو بتغيير طفيف.
٨-بعض الآباء يلجأون لإخفاء خلافاتهم  او خناقتهم مع أزواجهم بعيدا عن الأطفال ، و لكن من المستحسن تعريض الأطفال لقدر منها خاصة تلك التي يتم فيها معالجتها و حلها بشكل بناء وفيه إيجابي .. يجب ان يعرف الطفل ان هناك خلافات و في نفس الوقت يدرك الاسلوب الامثل لحلها .
٩- يكتسب الأطفال اللغة من تدريب الكبار لهم خاصة اكثر من شخص ، و لا يجب الاعتماد على برامج التلفزيون او التطبيقات الرقمية المتخصصة.

و الخلاصة فان هذا الكتاب لم يصدمني كثيرا في نتائجه حيث قام بإعداده اثنان من الصحفيين و ليس من الباحثين في علم النفس فجاء نقلهم للتجارب كأنها بنود  اخبارية اسقطت عنها قدر من التفاصيل ،و لكنني أعجبت كثيرا بالنتيجة (١)  ، و (٦) و ( ٨)، و انصح بقراءته لكل محبي علم النفس مثلي و الذين يتابعون  بإعجاب مسيرة علم النفس التجريبي و تحسن قدرته على تفسير السلوك الإنساني .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق