استخدمت أجاثا كريستي (١٨٩٠-١٩٧٦) السم في قتل شخصيات قصصها أكثر من أي كاتب اخر للروايات البوليسية . و كانت السموم جزءا أساسيا من حبكتها الدرامية، فكانت تختار أنواعها بعناية فائقة ، و بما يخدم بخصائصه الكيميائية والفسيولوجية في توفير أدلة هامة لاكتشاف القاتل. ولقد أظهرت أجاثا كريستي معرفة كيميائية و صيدلانية واسعة استقت الكثير منها خلال عملها في صيدلية بأحد المستشفيات في جنوب انجلترا خلال الحربين العالميتين الاولى و الثانية.
و في كتاب A is for Arsenic : the poisons of Agatha Christie , و هو احد كتب تبسيط العلوم التي نحبها جميعا ،خاصة امثالنا من غير المتخصصين ، قدمت الباحثة الكيميائيةو استاذة الصيدلة "كاثرين هاركب " استعراضا شيقا ورائعا لموضوع السموم وعلومها ، و ذلك على خلفية قصص أجاثا كريستي الطويلة و القصيرة. ولقد ركز كل فصل على نوع معين من السموم ، بالترتيب الأبجدي ، حيث بدا الاول بحرف بحرف ال A للتحدث عن الزرنيخ Arsenic ثم انتقل الى البلادونا ثم الثاليوم واخيرا ال veronal . و لقد تتناولت الكاتبة في كل فصل احد قصص أجاثا كريستي من حيث بحث نوعية السم الذي استخدم القاتل، وكيف يتفاعل مع الجسم، و كيفية الحصول عليه ، وإستخدامه و الكشف عنه سواء في زمان اجاثا كريستي او اليوم .
و في اول عمل منشور لهذه الروائية العظيمة ، و الذي ظهر تحت اسم " قضية ستايلز الغامضة" , او The Mysterious Affair at Styles, وهي الرواية الأولى التي ظهرت فيها شخصية هيركيول بوارو المحقق البلجيكي الشهير و بطل أعمالها.تضمنت الرواية استعراض تفصيلي لاستخدام مادة السترايكنين ( سم فئران ) لقتل امرأة ، و شرح لآثاره كأنها احد استاذة الصيدلة .
و يخرج القارئ من قراءته لهذاالكتاب بفهم أعمق لموضوع السموم من ناحية ، و تقدير اعلى لعلم اجاثا كريستي الواسع بموضوع السموم، و مزيدا من المتعة الذهنية لقراءته لهذه الاعمال الأدبية التي تجمع بين رقي العلم و جمال الأدب و تحترم عقله.
و قد تراودكً ايضا، بعد الانتهاء من الكتاب ، فكرة او هاجس شديد الاغراء بوضع قليل من الزرنيخ في شراب او طعام كتاب سيناريوهات المسلسلات و الأفلام في المحروسة لاخطاءهم العلمية و التاريخية التي سممت عقول هذا الشعب الغلبان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق