الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

الرعب في مستعمرة العقاب


اثار " كافكا" كعادته بهذه القصة آلاف التساؤلات حول معناها ، لكن اغلب قراءها يجمعون على مدى الزعر و الخوف التي بثته هذه القصة في أوصالهم .

البطولة في هذه القصة لآلة العقاب التي تنقش على جسد الشخص الذي تثبت ادانته - و هو الامر الذي لم يحدث عكسه أبدا-  نص المبدأ الذي خالفه  " المُدان" ، فاذا  لم يحفظ الأمانة مثلا ينقش على جسده " لا تخن" . يقول المؤمنون بهذا النوع من العقاب ان هذا الالم البطيء  يطهر المدان ويحرره فيموت حرا مرتاحا.

تتكون الآلة من اجزاء معقدة منها جزء به سكاكين و أسنان للحفر و لوح كالسرير يوضع فيه المتهم مربوطا ، و عجلات تدير جسم المتهم لاتاحة عملية النقش و الحفر ، و التي تستغرق عادة ١٢ ساعة و بعدها بساعات مماثلة تقريبا يموت الشخص.  وتعاني هذه الآلة في الوقت الحالي من الأعطال المتكررة نتيجة الاهمال و عدم الصيانة.

النظام القضائي في هذه الجزيرة نظام بسيط يعتمد على مبدأ " المتهم مدان دون أدنى شك" فليس هناك دفاع او نقض او استئناف فكلها أجراءات طويلة  تثير اللبث و الحيرة من ناحية ، فضلا عن عدم توافر الموارد المادية اللازمة لتحقيقها من ناحية اخرى. 

أشخاص القصة أربعة فقط  غير معروف أسمائهم أولهما " الشخص المُدان" بعدم احترامه لرؤساءه ، و ثانيهما " جندي" يصاحب المدان لمنعه من الهرب،  و ثالثهما " الظابط" و هو الموكل به تنفيذ الأحكام ، والذي يعشق الزعيم القديم و يتمنى عودة حكمه الذي سيعيد لهذه الآلة احترامها . و اخيرا شخصية " الرحال" الذي يزور الجزيرة و كلفه زعيمها الجديد بإبداء رأيه في اُسلوب العقوبات . و يذكر ان الآلة و اُسلوب العقاب كانا من صنيعة الزعيم القديم الذي راجت فيه شعبية هذا الأسلوب.

احداث القصة بسيطة تبدأ بوصف تفصيلي يقدمه الظابط للآلة  تكشف عن ولهه و افتتانه بها و تذمره من  إهمال الزعيم الجديد لها، وذلك قبل تنفيذه الحكم على " المٌدان" بتهمة عدم احترام الرؤساء. يقرر الظابط إطلاق سراح المدان و تطبيق العقوبة على نفسه على ان ينقش على جسده كلمات " كن عادلا" .. تتعطل الآلة بتمزيق  جسده سريعا دون ان تنقش على جسده الجملة المطلوبة .. حرمته  فترة الام التي تنتهي بالشعور بالخلاص و التحرر ..
يهرع " الرحال"  مسرعا من هول هذا المكان  فيدخل الى المقهى الوحيد بالجزيرة ليكتشف ان قبر الزعيم القديم تحت المنضدة ، و منقوش عليه نبؤة بانه  " يوما ما سيعود الزعيم " ليعيد المستعمرة الى سابق عهدها..
 يهرب  الرحال على اقرب مركب تاركا جزيرة العقاب...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق