الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

انا و مديري و "جون ناش"


مديري مدمن شغل يسهر كل يوم في المكتب الى ال١٠ مساءا، و إدارتي بها ٤ موظفين و انا الخامس ، و كلنا مستوانا العلمي متقارب جدا. كانت الوسيلة الوحيدة لارضاء المدير و من ثم الترقي هي البقاء بعد مواعيد العمل الرسمية في العمل، و كلما سهرت كلما  فزت برضا سعادته.

اقترب موعد الترقية، و لمعت عين الزملاء، و توقعت ما سيفعلونه،  فقلت لهم تعالوا نتفق على ما سنفعله .. فسخروا مني و طالبوني بالابتعاد لأَنِّي مكبر دماغي .

وعدت الى منزلي و انا أعرف  يقينا ماذا سيفعلون ، و ذلك ،بفضل  مولانا " جون ناش" رحمه الله  حيث أشار في نظرية الألعاب الى  وجود نقطة توازن ( سميت نقطة توازن ناش Nash equilibrium  ) في أية لعبة أو منافسة  تؤول إليها الأمور في نهاية المطاف فتستقر استراتيجيات  جميع الاطراف عندها , حيث عندها لن يكون هنالك أي دافع لأي من اللاعبين لتغيير استراتيجيته لأن تغييرها يؤدي الى نتائج اسوأ ،مع ثبات استراتيجية الآخرين.

و بتطبيق ذلك على حالتنا يتبين ان اختيار كل واحد من الموظفين- و الذين اشهد لهم بالعقلانية الشديدة rationality  سيكون "السهر الى الساعة العاشرة مع المدير" لان اختيار  اي ساعة اخرى قبل العاشرة يعطي الطرف الاخر فرصة  للمزايدة على الاخر. ، اما السهر الى ما بعد العاشرة فليس له قيمة لانه ياتي انصراف المدير نفسه.
و كما توقعت في اليوم التالي بقينا بعد ميعاد العمل جميعا الى الساعة العاشرة متساويين جميعا في اعين المدير دون اي ميزة اكتسبناها نتيجة لقرارنا. 

و كانت النتيجة اننا   " طحنا " انفسنا الى الساعة العاشرة ( وفقا لتوازن ناش) دون مكسب، و لو استمع  " الاغبياء " الى  كلامي و اتفقنا collusion ، على عدم البقاء بعد ساعات العمل الرسمية و غادرنا في ميعادنا كنّا وصلنا لنفس النتيجة ، و أجبرنّا المدير على اتباع وسيلة اخرى لتقييمنا. 

تبا للأغبياء و لتنزل لعنة " ناش" عليهم !!!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق