سألني احد الأصدقاء اليوم : " كيف يعتنق مثل صاحب هذه القامة الرفيعة هذا الوهم ؟ " ، فأخبرته انني سأجيبه على سؤاله من خلال " بوست" سانشره على صفحتي على الفايس بوك ، و ادعو الله ان يجدها كافية .
لابد انك تلاحظ يا صديقي ، و انني لعلى يقين من ذكائك و قدرتك على الملاحظة و الاستبصار ، ان الكثير منا او معظمنا اذا اتخذنا قرارا او اعتنقنا رأيا خطئا او صوابا ، نميل الى البحث عن الأشياء التي تدعم من صحته و نعمل العقل في إيجاد كافة المبررات التي تؤيده confirmation bias ، و نتصرف بما ينسجم معه cognitive dissonance ، و ندافع عنه كلما استلزم الامر ذلك . و كلما اتينا بدليل جديد او قمنا بفعل ما، يزداد ايماننا و تمسكنا بهذا الرأي يوما بعد يوم. يسمى هذا في علم النفس مبدأ الالتزام و الاتساق commitment and consistency
هكذا يتمسك الشخص بالأوهام التي لا يقبلها عاقل و لا حتى مجنون حيث يتغذى ذلك الوهم تلقائيا على ما يقوم به من اعمال اتساقا معه، وبذلك يصبح الوهم جزء من حياته ، و يصبح الإبقاء عليه جزءا من نظرته الى ذاته و نظرة ما يحيط به من دوائر اجتماعية. و هكذا يزداد الوهم قوة تغذيه اعمالنا و مواقفنا التي نتخذها كل يوم انسجاما معه.
يمتلأ التاريخ بالكثير من الأمثلة على الحالات التي تمكن فيها الوهم من فئات من الناس كنت تحسبهم محصنين ضد هذا الهراء . ففي زمن الماكارثية الجديدة عندما ساد الذعر من الشيوعيين في الولايات المتحدة الامريكية كان المؤمنين يتهمون اي شخص يرتابون فيه بانه شيوعي و ان اي عمل يقوم به او كلمة يتلفظ بها الهدف منها تخريب أمريكا ، و كانت رقعة الاتهامات تتسع يوما بعد يوم و قناعة الماكرثيين تزداد يوما بعد يوم بصحة مواقفهم . و تجد ذلك واضحا ايضا عند هؤلاء الذين يعتقدون ان اليهود وراء كافة مشاكل العالم و انهم يدبرون مؤامرة كونية للسيطرة على أهل البسيطة و يتلاعبون بعقول أهل الارض .
باختصار ، يمكن لأي وهم مهما خالف المنطق و الواقع ان يسيطر على عقول المثقفين و الصفوة بنفس الدرجة التي يسيطر بها على عقول العامة بمجرد البدء في التصرف وفقا له ، حيث يخلق هذا نوع من التعزيز الذاتي المستمر للحفاظ على الاتساق مع الذات .
هذا ما يحدث في المحروسة ، فهل من علاج !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق