الأحد، 21 أغسطس 2016

الوهم الساكن في أهل المحروسة


سألني احد الأصدقاء اليوم : " كيف يعتنق مثل صاحب هذه القامة الرفيعة هذا الوهم ؟ " ، فأخبرته انني سأجيبه على سؤاله من خلال " بوست" سانشره على صفحتي على الفايس بوك ، و ادعو الله ان يجدها كافية . 

لابد انك تلاحظ يا صديقي ، و انني لعلى يقين من ذكائك و قدرتك على الملاحظة و الاستبصار ، ان الكثير منا او معظمنا اذا اتخذنا قرارا او اعتنقنا رأيا  خطئا  او صوابا ،  نميل الى البحث عن الأشياء التي تدعم من صحته  و نعمل العقل في إيجاد كافة المبررات  التي تؤيده confirmation bias   ، و نتصرف بما ينسجم معه cognitive dissonance ، و ندافع عنه كلما استلزم الامر ذلك . و كلما اتينا بدليل جديد او قمنا بفعل ما، يزداد ايماننا و تمسكنا بهذا الرأي  يوما بعد يوم. يسمى هذا في علم النفس مبدأ الالتزام و الاتساق  commitment and consistency

هكذا يتمسك  الشخص بالأوهام  التي لا يقبلها عاقل و لا حتى مجنون  حيث يتغذى ذلك الوهم تلقائيا على ما يقوم به من اعمال اتساقا معه،  وبذلك    يصبح الوهم   جزء من حياته  ، و يصبح الإبقاء عليه جزءا من نظرته الى ذاته و نظرة ما يحيط به من دوائر اجتماعية.  و هكذا يزداد الوهم قوة  تغذيه اعمالنا و مواقفنا التي نتخذها كل يوم  انسجاما معه.

  يمتلأ التاريخ بالكثير من الأمثلة على الحالات التي تمكن فيها الوهم من فئات من الناس كنت تحسبهم محصنين ضد هذا الهراء . ففي زمن الماكارثية الجديدة  عندما ساد الذعر من الشيوعيين   في الولايات المتحدة الامريكية كان المؤمنين  يتهمون اي شخص يرتابون فيه بانه شيوعي و ان اي عمل يقوم به  او كلمة يتلفظ بها الهدف منها تخريب أمريكا ، و كانت رقعة الاتهامات تتسع  يوما بعد يوم و قناعة الماكرثيين تزداد يوما بعد يوم بصحة مواقفهم .  و تجد ذلك واضحا ايضا عند هؤلاء  الذين يعتقدون ان اليهود وراء  كافة مشاكل العالم و انهم يدبرون مؤامرة كونية للسيطرة على أهل البسيطة و يتلاعبون بعقول أهل الارض .

باختصار ، يمكن لأي  وهم مهما خالف المنطق و الواقع ان يسيطر  على عقول المثقفين و الصفوة بنفس الدرجة التي يسيطر بها على عقول العامة بمجرد البدء في التصرف وفقا له ، حيث يخلق هذا نوع  من التعزيز الذاتي المستمر للحفاظ على الاتساق مع الذات .

هذا ما يحدث في  المحروسة ، فهل من علاج !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق