استمر الجنرال في احاديثه المرتجلة المملوءة بالحماس و المرتكزة لفظا و حركة على فكرة حب الوطن و بقاء الدولة ، و المشاعر الملتهبة صوب مصر التي ينبغي التضحية من اجل عيونها بالروح و الجسد و المال دون اي سؤال او انتظار لأي مقابل ولو زهيد او حتى نظرة واحدة او ابتسامة خاطفة من تلك المحبوبة الغالية .. حب عذري مطلق سامي و من طرف واحد ...
ذلك الخطاب الذي نتفهمه نحن كشيوخ تجاوزنا الخمسينات من العمر ، و ان كنّا مللنا - دعني اعترف بذلك - من ذلك الحب العذري الذي عذب أغلبنا في شبابه ...
لكنه خطاب بعيد كل البعد عن شباب اليوم ، و الذي كان على استعداد للتضحية بروحه اثناء حلم الثورة الدونكيشوتية في 2011 . سئم الشباب من هذا الحب العذري دون مقابل ، بل لم يعودوا يفهموه ..
ناهيك عن ان المحبوبة على ما يبدو يستمتع بها العديد من العشاق الآخرين من اصحاب الجاه و المال ..
على سبيل المثال ، استخدم الزعيم كلمات مثل " أبيع نفسي" و هي metaphor تعني في لغة الستينات "أضحي بذاتي "في سبيل المحبوب سواء كان حسناء فاتنة ام مصر المحروسة .. و كانت كلمة سائدة في الخطاب الوطني على مدار عقدين مقبولة لدى كبار السن امثالنا ..
اما "ابيع نفسي " بالنسبة لشباب الألفينيات فهي تبعث في اذهانهم معاني الرخص و الضعة المرتبطة ببيع الجسد و تحويله الى سلعة مبتذلة..
كان هذا ضمن خطاب طويل القاه الزعيم ، نجح ببراعة في اضافة حلقة اخرى في مسلسل عدم التفاهم و ضعف قنوات الاتصال الذي لم يعد يقتصر على الشباب بل امتد ليشمل قطاعات عريضة من الشعب ...
اما آن للزعيم ان يفهم اننا لم نعد نفهم هذه الكلمات و اننا لم نعد قادرين على الاستمرار في حب عذري من طرف واحد بينما المحبوبة يتمتع بها اصحاب الصولجان و المال ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق