الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

الحب العذري والفجوة بين لغة الستينيات و لغة الالفينيات


استمر الجنرال في احاديثه المرتجلة المملوءة بالحماس و المرتكزة لفظا و حركة على فكرة حب الوطن و بقاء الدولة ،  و المشاعر الملتهبة صوب مصر التي ينبغي التضحية من اجل  عيونها بالروح و الجسد و المال دون اي سؤال او انتظار لأي مقابل ولو زهيد او حتى نظرة واحدة او ابتسامة خاطفة من تلك المحبوبة الغالية .. حب عذري مطلق سامي و من طرف واحد ...

ذلك الخطاب الذي نتفهمه نحن كشيوخ تجاوزنا الخمسينات من العمر  ، و ان كنّا مللنا - دعني اعترف بذلك - من ذلك الحب العذري الذي عذب أغلبنا في شبابه ...

لكنه خطاب بعيد كل البعد عن شباب اليوم ، و الذي كان على استعداد  للتضحية  بروحه اثناء حلم الثورة  الدونكيشوتية في 2011 . سئم الشباب من هذا الحب العذري دون مقابل ، بل لم يعودوا يفهموه ..
ناهيك عن ان المحبوبة على ما يبدو يستمتع بها العديد من العشاق الآخرين من اصحاب الجاه و المال  ..

على  سبيل المثال ،  استخدم الزعيم كلمات مثل "   أبيع نفسي" و  هي metaphor تعني في لغة الستينات "أضحي بذاتي "في سبيل المحبوب سواء كان  حسناء فاتنة ام مصر المحروسة .. و كانت كلمة سائدة في الخطاب الوطني على مدار عقدين مقبولة لدى كبار السن امثالنا ..

اما "ابيع  نفسي " بالنسبة لشباب الألفينيات فهي تبعث في اذهانهم    معاني الرخص و الضعة  المرتبطة ببيع الجسد و تحويله الى سلعة مبتذلة..

كان هذا ضمن خطاب طويل القاه الزعيم ، نجح ببراعة في اضافة حلقة اخرى في مسلسل عدم التفاهم و ضعف قنوات الاتصال الذي لم يعد يقتصر على الشباب بل امتد ليشمل قطاعات عريضة من الشعب ...

اما آن للزعيم ان يفهم اننا لم نعد نفهم هذه الكلمات و اننا لم نعد قادرين على الاستمرار في حب عذري من طرف واحد بينما المحبوبة يتمتع بها اصحاب الصولجان و المال ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق