لماذا يسيل لعابنا امام اللحم الدسم و رائحة الشواء ، و تدلى ألسنتنا امام حبات الزيتون اليوناني و المكدوس اللبناني ، وينفطر قلبنا أمام قطعة بسبوسة بالقشطة ؟ لماذا لا نستسيغ الاكل دون ملح او سكر ،؟
أسئلة بسيطة طرحها على احد الأصدقاء اليوم في معرض شكواه المريرة من نصائح الأطباء بالامتناع عن اكل السكريات و المملحات و الدهون لانه مريض بالضغط و السكري .
لا تستغرب يا صديقي لو علمت ان ما يراه الأطباء اليوم اسبابا لتفاقم المرض كانت هي احد أسباب انتصار الانسان في صراعه من اجل البقاء .
نعم ، لقد اكتسب الانسان على مدار آلاف السنوات من تطوره خصال غذائية تخطت حدود الرغبات النفسية لتسكن في خلاياه و تجري في جيناته . و يجلس خلف هذا تاريخ طويل من الصراع من اجل البقاء و مسيرة تطورية جعلت من الانسان الكائن الأعلى تكيفا و الأكثر قدرة على مواجهة التحديات البيئية .
ان عشق الملح و السكر و الدسم كان أداة الانسان لمواجهة تقلبات بيئته . فالانسان يحب المالح من الطعام لان الملح يحفظ الماء و يحبس السوائل داخل أجسامنا تحسبا لفترات الجفاف التي مر بها اجدادنا الأوائل .كما يحب الحلو من الطعام " السكر " حيث علمته التجارب ان النباتات السامة عادة ما تكون ذات طعم مر. و علمه التطور ايضا ان يحب " الدهون " حتى تحتفظ اجسادنا بمخزون من السعرات الحرارية ينفعها في برد الشتاء القارس .
و مع تغير الظروف أصبحت هذه الوسائل نفسها هي مصدرا للامراض كالضغط و السكري و أمراض القلب حيث ساعد التقدم البشري على استبدال هذه الوسائل بادوات و منتجات اكثر تنوعا و متعة حيث توافر الماء و الدفء و القدرة على التمييز بين السام و الطيب .
و لهذا يا صديقي يغزو عالمنا مطاعم " الاكل السريع" او الفاست فوود كما يسمونه لانه يعطينا ما زرعته فينا اجيال من التطور من شغف بهذا الطعام.
كل ما نحبه تقريبا في تلك الوجبات السريعة كان اجدادنا من الصيادين يقتلون من اجله .
انه التطور يا صديقي الذي زرع في قلوبنا هذا العشق ، فاصبر و تذكر ان هناك الملايين الذين يموتون جوعا حتى الان على كوكبنا الأزرق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق