الاثنين، 14 أغسطس 2017

نظرية الالعاب و خناقات "اولاد " صاحبي



كان صديقي دائم الشكوى من  المشاحنات المستمرة بين ولديه "احمد و محمود "على أشياء كثيرة . على سبيل المثال ، عندما يقوم بتقسيم قطعك كيك او لحم بينهما مناصفة ، فدائما ما يحتج احمد على ان اخيه أخذ قطعة اكبر، و الكارثة الأعظم لو قام الأكبر بتقسيم الكيكة بنفسه ، فانه يأخذ  قطعة اكبر فعلا ، و لو قسم الأصغر ، لقام بالمثل .

كانت اخر حلول صديقي تقسيم قطعة الكيك الى نصفين فقط، و دعوة الأخوين للاختيار لينفي صفة الانحياز عن نفسه ، فكانا يختلفان ايضا على من يختار اولا.

لم استغرب كثيرا من تصرفات الاولاد ، فالإنسان بطبعه يسعى الى تحقيق مصلحته الخاصة من ناحية، كما ان النظر الى ما في يد الطرف الاخر دائما عادة بشرية ربما يقف خلفها الحسد و الطمع.

اقترحت على صديقي حلا لوذعيا : نصحته بان يطلب من احد الأخوين  ان يقوم بالتقسيم فقط، على ان يقوم الأخ الاخر  بالاختيار.

نجح اقتراحي فعلا حيث اصبح من مصلحة الذي يقوم بالتقسيم ان يقسم بالعدل تماما حتى لا يخسر اذا اختار الاخر اي قطعة.

اعترف لكم يا اصدقائي انني لست مبتكر هذا الحل ، فقد اقتبسته من نظرية الالعاب التي بحثت بكثافة سيناريوهات تقسيم الكيك هذا بين فردين و أكثر .

ولتبسيط الموضوع هروبا من مصيدة الرياضيات ، فلقد قصرت  الحديث على  القسمة العادلة بين شخصين او لاعبين . و  يسمى   الاسلوب  الذي اقترحته : " قسم و اختار divide and choose methods و هو الاسلوب الامثل حيث  يقسم احد الأشخاص الموارد او السلع الى قسمين متساويين من وجهة نظره ، اما الاخر فيختار النصف الذي يفضله .

و هكذا ، يكون للشخص الحافز انه يقسم بالعدل على قدر ما يستطيع ، لانه ان لم يفعل ، فقد يحصل على الجزء الأقل او  غير المرغوب فيه . و يخلق هذا الاسلوب قسمة دون حسد .

و طبعا  الحكاية هنا مش مشكلة تقسيم قطعة كيك فقط لكنها تضم اي مشكلة تقسيم لأي مجموعة من السلع و الموارد بين عدد من الناس لهم حق في هذه الموارد بحيث يحصل كل شخص على حقه الصحيح دون اي اثارة لحسد او غيره،و نشاهدها كثيرا في حالات الطلاق في الغرب ، و إدارة المجال الجوي للطائرات و غيرها من المحالات.

و تمثل هذه المشكلة احد الابحاث الهامة في الرياضيات ، و الاقتصاد و نظرية الالعاب ، و دراسات تسوية الصراعات .ويمكن لذوي الالباب الاستفادة من الفكرة البسيطة هذه في تسوية الكثير من الصراعات على الموارد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق