كنت اتمنى ان " حنا آرندت " الفيلسوفة الامريكية الشهيرة تشوف فيلم البريء قبل ما تألف كتابها Eichmann in Jerusalem ، لتشاركني متعة المقارنة بين احمد سبع الليل المجند المصري و ايخمان الظابط النازي .
على اي حال، احمد سبع الليل هو بطل فيلم البريء و عسكري الأمن المركزي الذي شارك في قتل وتعذيب المعتقلين السياسيين لأنهم أعداء الوطن كما افهمه رؤسائه. لكن ظهور احد اصقائه بين المعتقلين مثل صدمة فكرية جعلته يعيد النظر فيما يفعله ، و يرفض الانصياع لأوامر عمياء تجعل منه جلادا أعمي ، خاصة و ان صديقه هذا لايمكن ان يكون من أعداء الوطن بل هو الذي تعلم على يديه معنى حب الوطن .
اما " ادولف ايخمان" فهو ضابط كبير في " الجستابو" و المسؤول عن عمليات نقل اليهود بالقطارات و إعدامهم في غرف الغاز، و الذي هرب الى الأرجنتين بعد هزيمة هتلر و اختبأ وعاش في بيونس آيرس حتى نجح الموساد الاسرائيلي في القبض عليه عام ١٩٦٠ ، و تمت محاكمته في القدس .
حضرت "حنا آرندت" الفيلسوفة الامريكية الشهيرة محاكمة " ايخمان" في القدس و سجلت فيها ملاحظتها حول هذا الشخص ، و لغته التي يستخدمها و المبررات التي سوغ بها افعاله .
قالت " آرندت" ان ايخمان مثله كمعظم النازيين في تلك الحقبة فشلوا في رؤية الاشياء من منظور الطرف الاخر، الذين لم يكن عندهم الشجاعة لمناقشة الأوامر او القواعد او النصوص التي بين أيديهم، و كانت جل عبقريتهم في إيجاد افضل السبل لاتباع هذه النصوص او القواعد. لم يكن ايخمان شيطانا لكنه كان شخصا عاديا ، لم يناقش ابدا ما يقوم به ، فشارك في جريمة من كبرى الجرائم ضد البشرية.
توضح المقارنة بين الشخصيتين الفرق بين شخص ناقش التعليمات زي احمد سبع الليل، فخرج من الظلمة الى النور ، و بين ايخمان الذي قبل عن إيمان لا يتزعزع الأفكار و الامور ، فسقط في ظلمة أقذر جرائم التاريخ.
الحكاية دي مش سياسة فقط لكنها تتعلق بكافة الأفكار و التعليمات و الأوامر التي نتوقف عن مناقشتها ..
صديقي لنكن جميعا " احمد سبع الليل".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق