الاثنين، 13 مارس 2017

حرية الإرادة تحت نيران العلم

تعني حرية الارادة ان الانسان يختار بمطلق حريته  طريق ما دون الآخر غير مجبور باي محددات سلوكية مهما كانت، فيستطيع مثلا  ان يمتنع عن الطعام  مهما كان جائعا، و ان يرفض المال مهما كان فقيرا ، اي انه مهما كانت المؤثرات عليه، و التي لا ننكرها، فيمكنه ان يتغلب عليها. 

و يمثل هذا الاختيار "الفعل الذي لا تحكمه عوامل مسبقة " اي غير" المسبب"  uncaused مشكلة امام النموذج العلمي حيث لا يمكن تفسيره علميا، وهو امر لو تعلمون عظيم !

هذا فضلا عن ان عدد من تجارب علم الاعصاب بينت ان المخ يظهر نشاطا لفعل ما قبل ان يعي الانسان أصلا انه سيفعله مثل رفع اليد ، كما لم تبين دراسات الأشعة على المخ اي مكان معين agent  للارادة الحرة ، بل ان احد علماء النيروبيولوجي أشار الى ان المخ لا يختلف عن اي عضو اخر مثل الكبد. 

و ايد هذا الاتجاه العديد من علماء النفس الذين يرجعون السلوك بمجمله الى " المعززات البيئية" دون غيرها و يَرَوْن ان الإرادة الحرة وهما كبيرا. و لا يختلف هذا كثيرا عن راي اصحاب المدارس البيولوجية الذين يرجعون كل شيء الى العوامل الوراثية .

ومع هذا ،فان  إنكار حرية الإرادة بمعنى ان سلوكنا كله يصبح أسير  محددادات سلوكية ( وراثية اجتماعية اقتصادية مادية ) تجعل أمامنا طريق واحد دون خيار هو امر من شانه ان يفقد عالمنا معناه، بل و تفقد حياتنا نفسها معناها.

ناهيك عن ان غياب الحرية لها تبعات  كثيرة على المنظومة الاخلاقية والقانونية فكيف نعتبر المتهم مسؤولا عن جرائمه اذا لم يكن لديه خيار اخر، و كيف نلوم طفلنا اذا رسب في الامتحانات اذا كان في غير مستطاعه ان ينجح ، و كيف نلوم الآباء اذا أخطأوا في تربية اولادهم اذا لم يكن أمامهم خيار اخر. بل كيف نفرق بين المجنون و العاقل و الطفل و الراشد في تصرفاتهم .

وفي رايي ان هذه اشكالية ضخمة جدا علينا ان لا نتسرع كثيرا في الحكم عليها، بل ودعوني أقول  لكم لو لم تكن " الإرادة الحرة " موجودة لوجب اختراعها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق