تعني حرية الارادة ان الانسان يختار بمطلق حريته طريق ما دون الآخر غير مجبور باي محددات سلوكية مهما كانت، فيستطيع مثلا ان يمتنع عن الطعام مهما كان جائعا، و ان يرفض المال مهما كان فقيرا ، اي انه مهما كانت المؤثرات عليه، و التي لا ننكرها، فيمكنه ان يتغلب عليها.
و يمثل هذا الاختيار "الفعل الذي لا تحكمه عوامل مسبقة " اي غير" المسبب" uncaused مشكلة امام النموذج العلمي حيث لا يمكن تفسيره علميا، وهو امر لو تعلمون عظيم !
هذا فضلا عن ان عدد من تجارب علم الاعصاب بينت ان المخ يظهر نشاطا لفعل ما قبل ان يعي الانسان أصلا انه سيفعله مثل رفع اليد ، كما لم تبين دراسات الأشعة على المخ اي مكان معين agent للارادة الحرة ، بل ان احد علماء النيروبيولوجي أشار الى ان المخ لا يختلف عن اي عضو اخر مثل الكبد.
و ايد هذا الاتجاه العديد من علماء النفس الذين يرجعون السلوك بمجمله الى " المعززات البيئية" دون غيرها و يَرَوْن ان الإرادة الحرة وهما كبيرا. و لا يختلف هذا كثيرا عن راي اصحاب المدارس البيولوجية الذين يرجعون كل شيء الى العوامل الوراثية .
ومع هذا ،فان إنكار حرية الإرادة بمعنى ان سلوكنا كله يصبح أسير محددادات سلوكية ( وراثية اجتماعية اقتصادية مادية ) تجعل أمامنا طريق واحد دون خيار هو امر من شانه ان يفقد عالمنا معناه، بل و تفقد حياتنا نفسها معناها.
ناهيك عن ان غياب الحرية لها تبعات كثيرة على المنظومة الاخلاقية والقانونية فكيف نعتبر المتهم مسؤولا عن جرائمه اذا لم يكن لديه خيار اخر، و كيف نلوم طفلنا اذا رسب في الامتحانات اذا كان في غير مستطاعه ان ينجح ، و كيف نلوم الآباء اذا أخطأوا في تربية اولادهم اذا لم يكن أمامهم خيار اخر. بل كيف نفرق بين المجنون و العاقل و الطفل و الراشد في تصرفاتهم .
وفي رايي ان هذه اشكالية ضخمة جدا علينا ان لا نتسرع كثيرا في الحكم عليها، بل ودعوني أقول لكم لو لم تكن " الإرادة الحرة " موجودة لوجب اختراعها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق