الأربعاء، 28 ديسمبر 2016

العالم يلاعب كاسبروف في ميدان التحرير


في البداية هذا عنوان تخريفي فليس هناك علاقة بين كاسبروف و ميدان التحرير والعالم  على حد علمي،و هو عنوان مقصود به شد الانتباه فقط.مع هذا، فهناك "رابط ما بينهم"،يمكن استخلاصه من الحكايتين التاليتين وهما بعيدان عن السياسة، لكنهما يدوران حول فكرة الاستفادة من إمكانات الحشود و الجموع عبر الانترنت.

الحكاية الاولى:
كانت خيام العلاج الطبي بميدان التحرير اثناء ثورة يناير ٢٠١١  تحتاج الى مؤن و أدوية ، و كان من الصعب تقدير الاحتياجات و توصيلها الى كل خيمة لان الميدان كان عبارة عن غابة او متاهة كبيرة ..تطوع احد المغردين المصريين بإقامة حساب على تويتر تحت اسم supplier/ tahrir و الاطباء و المتبرعين بوضع احتياجاتهم و أماكنهم تحت هذا الحساب او الهشتاج ، و حث كبارالمغردين المتابعين على اعادة تغريد هذه الاحتياجات.و من خلال تعاون الجميع :الدكاترة  ، و الموردين، و المغردين على الانترنت ، و الثوار نجح المغرد في تنظيم اعمال المؤنة و نقل الأدوية بكفاءة.

الحكاية الثانية:
في عام ١٩٩٩ قرر كاسباروف إقامة مبارة شطرنج بينه و بين " العالم " كما اسماها منظمو هذه اللعبة على شبكة الانترنت . يمكن لكل شخص يرغب في المشاركة يمكنه الاشتراك في المبارة ، و  يقترح كل منهم حركة " ، ثم يجري تصويت على الحركات و يتم اختيار اللعبة بالاغلبية ، و طبعا خلال وقت محدد.و شارك في هذه اللعبة اكثر من ٥٠ الف لاعب من أكثر من ٧٥ دولة ، و شارك في المبارة ايضا عدد من كبار اللاعبين مثل krush والتي اقترحت حركة رائعة في النقلة العاشرة وافقت عليها أغلبية، و التي اطلق عليها كاسبرورف انها إسهام تاريخي كبير في لعبة الشطرنج . و على الرغم من فوز كاسبروف في النهاية الا انه وصف هذه المبارة بأنها اعظم  مبارة في التاريخ ، ولقد ساهمت بشدة في تطوير استراتيجيات جديدة للعبة الشطرنج.

تكشف هذه الحكايات اللطيفة عن مدى الامكانات المتاحة لدى المجتمعات او التجمعات  البشرية سواء في مكان او بلد او حتى على مستوى العالم و هي تأتي في إطار ما يسميه علماء الاقتصاد التعهيد الجماعي او crowdsourcing . وبُقصد بهذا المصطلح أن تعهد مؤسسة ما (شركة أو جمعية، او اي جهة) إلى تجمع من الأشخاص (مثل مجتمعات الإنترنت) بمهمة كان من المفترض أن يقوم بها العاملون بالمؤسسة، وذلك بشكل تطوعي أو مقابل مكافأة لأن العمل يحتاج إلى مجموعة ضخمة من البشر و تكاليف كثيرة لإنجازه . 

و انني لعلى أمل في ان ياتي يوم ندرك فيه ان العلم و التكنولوجيا قادران على استخلاص طاقات هائلة من تلك الطاقات البشرية الضخمة التي نتمتع بها في المحروسة ، وأننا قادرين بفضلهما  على الإتيان بالعالم اجمع ليلاقي كاسبروف في مبارة للعقول على ارض ميدان التحرير.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق