الأربعاء، 23 نوفمبر 2016

قراءة في كتاب :suspicious Minds why we believe conspiracy theories

 كتاب :suspicious Minds why we believe conspiracy theories
تأليف : روب بروزرتن  استاذ علم النفس بكلية جولدسميث للدراسات النفسية بجامعة لندن
تاريخ. النشر : ٤ نوفمبر ٢٠١٥ ، و عدد صفحاته الورقية ٣٠٤ صفحة

لم يخلو زمان عبر التاريخ من عدد  من نظريات المؤامرة  بداية من حريق نيرون لروما الى مقتل جون كيندي و الهبوط على القمر و احداث الحادي عشر من سبتمبر حتى الربيع العربي، فضلا عن سيطرة الفضائيين على العالم. و  لا يقتصر مؤيدوها على اصحاب العقول البسيطة لكنها تجذب الى محرابها الكثير من استاذة الجامعة و الكتاب و المفكرين.

استهدف " روب بروزترن في كتابه (العقول الشكاكة : لماذا نؤمن بنظريات المؤامرة )استكشاف جوانب هذه الظاهرة تاريخيا و الكشف عن نتائجها ، وطرح التفسيرات النفسية   و الأسباب التي تجعل من بعض الناس يميلون الى تصديق نظرية المؤامرة خاصة اذا كانوا ينتابهم شعورا من الغضب و التهميش. و لقد اتسم بحثه بالحياد و تجنب التعرض الى الموضوعات او الابحاث التي اثبتت خطا هذه النظريات، و هي كثيرة، و اعتمد كثيرا على نتائج التجارب و الابحاث التي اجراها هو او زملائه في هذا المجال.

ضم الكتاب  ثلاثة اجزاء او أسئلة رئسية كما يلي :
اولا: ما هي نظرية المؤامرة و صفاتها المميزة ؟
نظرية المؤامرة هي الاعتقاد ان وراء الأحداث الكبيرة عادة أيادي خفية تديرها ، و ترفض التفسير الرسمي للحدث ، و تتسم بملامح أساسية  :
١- يتسم المتآمرون بمستوى غير عادي من  الشر   فهم يبيدون الاف و يستعبدون الناس دون أدنى شفقة.
 ٢- يتمتع المتآمرون بقدرات غير عادية، فهم قادرون على إدارة شؤون العالم و اثارة الحروب و نشر الأمراض.
٣-لا تقوم على البراهين القوية و لكنها تعتمد على اصطياد او رصد عدد من المشاهدات المنفردة ( Anomaly Hunting  )او الأحداث الغريبة او الثغرات في الروايات او الأخبار الرسمية التي لا تجد لها تفسيراو الربط بين الخيوط المختلفة مثل الرجل الذي يحمل المظلة اثناء اغتيال كنيدي.
٤- لا يوجد بالطبع دليل صلب على صحتها وذلك بالضرورة و الا ماكانت أصلا نظرية للمؤامرة .
٥- لا يمكن ايضا إثبات خطئها في احوال كثيرة  لانها قائمة على التشكيك في السلطة نفسها  فالي اي سلطة سنحتكم ، فاذا ظهر  مثلا دليل يتماشى مع النظرية فسيقول اصحاب النظريات هذا طبيعي فهذا ما أخبرناكم به، و اذا ظهر دليل مناقض سيقولون هذا امر متوقع فان الآخرين يضعون كافة الأدلة لإخفاء المؤامرة ، و اذا لم يظهر اي دليل على الإطلاق ، قالوا طبيعي فالمتامرون  يلتزمون الحظر وهم على قدر فائق من المهارة.

ثانيا :ما أهمية دراسة نظريات المؤامرة؟
بالاضافة الى الاعداد الكبيرة من الناس التي  تصدق في احد او اكثر من نظريات المؤامرة كمااثبتت المسوحات الأحصائية في الولايات المتحدة، هناك نتائج خطيرة قد تترتب عليها مثلما حدث في حالة الذعر التي انتابت امريكا و اوربا من استخدام  التحصينات و اللقاحات بعدما ربط احد الأطباء ادعياء الشهرة بينها و بين الإصابة بمرض " التوحد عند الأطفال" و ترتب عليها الاف من حالات الإصابة بالحصبة و الكثير من حالات الوفاة بعدما توقف الأهالي عن إعطاء اطفالهم التحصينات. 

ثالثا: لماذا يصدق الناس هذه النظريات؟
١- عقولنا تميل الى رؤية  الأحداث التي تحدث كأنها مقصودة  intentiality bias و ليس صدفة، اي انه لدينا ميل عقلى لاعتبار ان كل الاشياء تحدث لتحقيق غاية و بمقصد معين ( لا مجال للصدفة) كاننا نسقط صفاتنا البشرية على الاشياء من حولنا، و اثبتت التجارب ان الأشخاص الأكثر تأثرا بهذا النوع من انحياز النية هم الأكثر تصديقا لنظريات المؤامرة .

٢- انحياز التناسب proportionality bias و هي افتراض ان اي حدث كبير لا بد ان يكون و رأءه سببا كبير ، و ان اي حدث صغير وراءه حدث صغير ، فلا يعقل ان يكون اغتيال كندي وراءه فقط شخص مجنون ، و كذلك كل الأحداث الهامة قي العالم كاختفاء الطيران و الاغتيالات لا يمكن ان يكون ورائها شيئا بسيطا او صدفة.

٣- قدرتنا على الكشف عن أنماط معين في هذا العالم و إيجاد نوع من الترتيب بين العشوائية و ربط الخيوط ببعضها ، و هذه القدرة تزداد عندما يشعر الناس بالعجز و ان حياتهم لم تعد رهن أيديهم ، فيرون صورة العذراء في السماء و كلمات الله و محمد في أوراق الشجر

وفِي النهاية هذا عرض مختصر جدا لهذا الكتاب الشيق و والمتوازن . و لقد اعجبني كثيرا و أوصيكم بقراءته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق