الأحد، 7 أغسطس 2016

قراءة في كتاب"اختبار الشخصية السيكوباتية: رحلة في صناعة الجنون"


هذا الكتاب و عنوانه The psychopath Test: A journey through the madness Industry كتاب شيق للغاية ،  كانك تقرأ قصة مثيرة تدور حول رحلة صحفية قام بها الصحفي الانجليزي الشهير و مخرج الأفلام الوثائقية Jon Ronson داخل مستشفيات الأمراض العقلية و في دوائر النفوذ السياسية و الاقتصادية في امريكا و انجلترا ليلقي الضوء على المنطقة الرمادية بين الجنون و العقل و خاصة فيما يتعلق بالشخصيات السيكوباتية.

بدأت الرحلة ، او القصة لو احببت، بزيارة "جون"   مصحة برودمور بنيويورك ، و هي مستشفى للمجرمين الذين ارتكبوا جرائمهم تحت تأثير أمراض عقلية، للقاء " توني" احد نزلائها.وأخبره  توني انه ادعى أعراض الجنون ليهرب من حكم بسجنه ، و لكنه اصبح أسيرا في هذا المكان بعدما فشل بكل الطرق في إثبات انه عاقل.

كانت كل الدلائل تشير الى انه عاقل، الا ان احد الأطباء النفسيين اخبر جون أنهم مقتنعون فعلا بانه ادعى الجنون لكن الفحوصات كشفت عن انه شخصية سيكوباتية، وفقا  لقائمة قياس  انحراف الشخصية السيكوباتية PCL التي تضم ٢٠ بندا ، و التي اخترعها عالم النفس الكندي الشهير Robert Hare في السبعينات لتقييم حالات الشخصية السيكوباتية حسب درجات تحدد لكل بند .scoring 

قرر جون دراسة هذه القائمة ليكتسب المهارات اللازمة للتعرف على الشخصيات السيكوباتية ، و بدا خطوته الثانية في رحلته مسلحا بالتأهيل الكافي و العلم اللازم للكشف عن تلك الأشخاص في عالم الاعمال و السياسة حيث اخبره علماء النفس ان الكثير من المشاهير هناك يتمتعون بكافة سمات الشخصية السيكوباتية و تغيب عن قلوبهم آية رحمة او تعاطف تجاه اخوانهم من البشر. و لقد قابل جون شخصيات كثيرة كشفت جميعها عّن سمات الشخصية السيكوباتية  لكنه لاحظ بعد فترة انه اصبح يرصد ملامح هذه الشخصية بين أصدقائه و زملائه و أهله و في كل مكان.

و هنا استيقظ جون من هول الحقيقة، ليكتشف انه و العديد من الصحفيين  و الأطباء النفسانيين و شركات الأدوية وو سائل الاعلام أصبحوا  يحبون بل يعشقون ان يروا المرض النفسي في كل الأشخاص حولهم . أصبحوا جميعا يتوسعون في وصف الأمراض النفسية و ادراجها لدرجة ان دليل الأمراض النفسية DSM للجمعية الامريكية للامراض النفسية تضاعف حجمه اربع مرات من الخمسينات من القرن حتى الألفين ليصل الى ٨٠٠ صفحة و ليشمل حوالي ٣٧٤ اضطرابا نفسيا. و بات الأطباء يشخصون حتى الأطفال في سن ٤ سنوات بأنهم يعانون من اضطراب المزاج الثنائيbipolar .

الحقيقة المؤلمة كما استنتج جون رونسون هي ان الطب النفسي و صناعته قد توسع ليضم الأشخاص الذين تظهر شخصياتهم اختلافات بسيطة عن السلوك الطبيعي بل و يمكن القول ان هناك منطقة رمادية بين الجنون و العقل قد نمر بها جميعا استولى عليها الطب النفسي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق